”طريق الموت لا يُطعم الأبناء”... شابان من إب يُودّعان الحياة على حدود اليمن-السعودية بحثاً عن لقمة العيش
لَفَظَ شابان يمنيان أنفاسَهما الأخيرة على أحد الطرق الوعرة بين اليمن والمملكة العربية السعودية، بعد أن انقلبت بهما سيارة كانت تقلّهما ضمن مجموعة من المسافرين عبر ممرات التهريب غير الآمنة، في محاولة يائسة للوصول إلى فرص عمل تُعين أسرتيهما على مواجهة واقعٍ اقتصادي قاسٍ تفاقم بفعل سنوات الحرب الطويلة.
وبحسب مصادر محلية في محافظة إب، فقد تُوفي كلٌّ من محمد صالح علي أسعد الحسيني ورياض محسن نعمان قايد الطاهر، إثر الحادث الذي وقع أثناء عبورهما الحدود الشمالية للبلاد، في ظروفٍ بالغة الخطورة تُعدّ من أكثر الطرق فتكاً باللاجئين الاقتصاديين اليمنيين.
وأشارت المصادر إلى أن الأسرتين كانتا قد أطلقتا مناشداتٍ مُلحّة عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية، بعد انقطاع الاتصال بالشابين منذ مغادرتهما إب قبل نحو شهر، في رحلةٍ لم تكن تهدف سوى إلى "إيجاد عمل يُطعم الأطفال ويُسدّ فجوة الجوع".
"لم يحملوا سلاحاً، بل حملوا أمل أمهاتهم"...
لم يكن محمد ورياض مغامرين، بل كانا ضحيتين من ضحايا الانهيار الاقتصادي الذي ضرب اليمن منذ أكثر من عقد، نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون. فبينما يُغلق باب العمل أمام آلاف الشباب في الداخل، يبقى "الطريق الشمالي" آخر خيارات اليأس، رغم أنه يُعرف محلياً باسم "طريق الموت"، نظراً لتكرر الحوادث المميتة فيه.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن مئات اليمنيين يفقدون أرواحهم سنوياً على هذه الطرق، إما بسبب الحوادث، أو الجوع، أو الاعتقالات، أو حتى الاتجار بالبشر، في ظل غياب أي آليات حماية أو مسارات قانونية آمنة للهجرة الاقتصادية.
"البحث عن لقمة العيش... جريمة في زمن الحرب؟"
تُجسّد قصة محمد ورياض وجهاً مأساوياً من وجوه الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث يُجبر الشباب على المخاطرة بحياتهم ليس دفاعاً عن قضية، بل من أجل كيس طحين أو دواءٍ لطفلٍ مريض. وفي ظل انهيار سعر الريال اليمني، وتضخّم الأسعار، وانعدام فرص العمل، أصبحت الهجرة عبر الطرق غير الشرعية خياراً لا مفرّ منه للكثيرين، رغم معرفتهم الكاملة بالمخاطر.