بعد المقرات والموظفين.. الحوثيون يضعون أيديهم على سيارات الأمم المتحدة بصنعاء
صادرت مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، اليوم السبت، عددًا من السيارات التابعة للأمم المتحدة في العاصمة صنعاء، ضمن حملة ميدانية استهدفت مقار وفرق عمل تابعة للمنظمات الأممية.
وذكرت مصادر مطلعة أن الجماعة استولت على أربع مركبات أممية، بينها سيارتان مدرعتان مخصصتان لإدارة الأمم المتحدة للسلامة والأمن (UNDSS)، خلال مداهمات نفذتها عناصر مسلحة طالت مواقع عمل ومقار رسمية في العاصمة المختطفة.
وتأتي هذه الإجراءات في سياق تصعيد واسع تشنه المليشيا ضد العاملين في المجال الإنساني، حيث ضيّقت الحركة على موظفي الوكالات الدولية، وفرضت قيودًا صارمة على أنشطتهم وتحركاتهم داخل مناطق سيطرتها.
حملة المداهمات الحوثية الأخيرة لم تقتصر على مصادرة المركبات، بل شملت اقتحام مكاتب عدة تابعة للأمم المتحدة، ما تسبب في شلل جزئي لعمليات الإغاثة وتقييد حرية العاملين الميدانيين.
وخلال الأيام الماضية، كثّفت الجماعة عمليات الاختطاف والاعتقال في صفوف الموظفين الأمميين، إذ تم احتجاز عشرات العاملين، من بينهم أجانب، ونقلهم إلى مواقع مجهولة، في وقت تزايدت فيه المخاوف بشأن سلامتهم ومصيرهم.
وتشير البيانات المتداولة، التي رصدها "المشهد اليمني"، إلى أن أكثر من 60 موظفًا أمميًا ما يزالون رهن الاحتجاز أو الإخفاء القسري لدى المليشيا، فيما يواجه 43 منهم محاكمات بتهم ملفقة تتعلق بقضايا أمنية مفبركة.
واقتحمت المليشيات الحوثية خلال الشهر الماضي عدة مقار تابعة للأمم المتحدة في صنعاء ومدن أخرى، ضمن حملة وُصفت بأنها الأعنف منذ الانقلاب الحوثي المشؤوم، إذ رافقها عبث بمحتويات المكاتب ومصادرة أجهزة إلكترونية وأصول حساسة.
وكانت المليشيات اختطفت أمس الجمعة مسؤول تقنية المعلومات في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، اليمني ممدوح الكثيري، عقب أيام من اقتحام مقر المفوضية في شارع الجزائر بالعاصمة.
واحتجزت مليشيات الحوثي الموظفين واستجوبتهم داخل المقر الأممي، قبل أن تنقل الكثيري إلى جهة غير معروفة، وتستولي على قاعدة بيانات المستفيدين من برامج المفوضية، ما أثار قلقًا واسعًا بشأن خصوصية المعلومات وسلامة المستفيدين.
وسبق للجماعة أن نفذت اقتحامات مماثلة طالت مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في شارع حدة بصنعاء، حيث احتجزت عددًا من الموظفين لساعات، وصادرت أجهزة ومعدات إلكترونية حساسة قبل انسحابها من الموقع.
وتواصل المليشيا منذ عامين فرض قيود مشددة على المنظمات الدولية، تشمل عرقلة إصدار التأشيرات، وفرض جبايات مالية، والتدخل المباشر في عمليات الإغاثة وتوزيع المساعدات، في مشهد يعكس تصاعد نهج السيطرة والتضييق ضد الأنشطة الإنسانية في مناطق سيطرتها.
يأتي هذا التصعيد الحوثي المتكرر ضد الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في اليمن، ليؤكد انتقال الجماعة من مرحلة التدخل الإداري إلى مرحلة المصادرة والسيطرة الكاملة على العمل الإنساني، في ظل غياب أدوات الردع الدولية.
تجدر الإشارة إلى أن استهداف مليشيا الحوثي للمنظمات الدولية العاملة في اليمن، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة، يمثل نمطًا متكررًا من التضييق والابتزاز السياسي والمالي. وتُعد هذه الممارسات، وفقا لمراقبين، جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى فرض السيطرة على العمل الإنساني، وتوجيهه بما يخدم أجندة الجماعة، في ظل غياب أي رقابة دولية فعالة داخل مناطق سيطرتها.
وتُعد عمليات مصادرة الأصول، واحتجاز الموظفين، والتدخل في البيانات، تهديدًا مباشرًا لحيادية واستقلالية العمل الإنساني في اليمن، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية مضاعفة لحماية كوادره وضمان استمرار برامجه دون انتهاك أو ابتزاز.